Jannah Theme License is not validated, Go to the theme options page to validate the license, You need a single license for each domain name.
اخبار الاقتصاد

لماذا تُغري اكتتابات الشرق الأوسط المستثمرين حول العالم؟

مدينة نابلس –

خاص

طرح عام أولي

ارتفع سهم “بريسايت إيه آي هولدينغ بي إل سي” بنسبة قاربت 145 بالمئة في أولى جلسات تداوله بعد إدراجه بسوق أبوظبي للأوراق المالية خلال تعاملات الاثنين الماضي، بعد طرح عام أولي بقيمة 496 مليون دولار، وذلك بُعيد أسابيع من اكتتاب عام أولي بلغ حجمه 2.5 مليار دولار لـ “أدنوك” في أكبر إدراج على الإطلاق في سوق أبوظبي.

شكلت تلك الاكتتابات الجديدة إلى جانب الاكتتابات التي شهدتها أسواق منطقة الشرق الأوسط العام الماضي وكذلك الاكتتابات المرتقبة هذا العام، إشارات بالغة الدلالة تؤكد حقيقة أن (الشرق الأوسط على رادار المستثمرين العالميين، حيث يتمتع بازدهار الاكتتاب العام)، وهو ما سلط الضوء عليه تحليل نشرته صحيفة “فاينانشال تايمز” البريطانية أخيراً.

يخالف هذا الازدهار اتجاه الأسواق الأوروبية التي ترزح تحت وطأة حالة “عدم اليقين” المسيطرة عليها في ظل تبعات التطورات الجيوسياسية والاضطرابات والتحديات الاقتصادية الناجمة عنها، تعكس ذلك الإحصاءات الصادرة عن شركة إرنست ويونغ الاستشارية، والتي تشير إلى أن:

  • عمليات الاكتتاب الأولي في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا بلغ عددها 51 عملية
  • جمعت تلك الاكتتابات 22 مليار دولار العام الماضي، بزيادة 179 بالمئة عن معدلات العام الماضي

إقبال جيد رغم الاضطرابات الخارجية

يقول المستشار والخبير الاقتصادي كمال أمين الوصال، في تصريحات خاصة لموقع “اقتصاد سكاي نيوز عربية”، إنه على الرغم من أن حالة عدم الاستقرار السياسي والاقتصادي على الصعيد الدولي والتوترات الجيوسياسية، تلقى بظلالها على منطقة الشرق الأوسط، إلا أن الإقبال على الاكتتابات فى المنطقة يبدو جيداً، وذلك لعدة أسباب؛ أهمها:

  • إن جزءاً من الاكتتابات يتم في شركات تمتلك فيها الحكومات حصصاً مُعتبرة، ما يمنح المستثمرين (المكتتبين) مزيداً من الأمان، وهو ما يحتاجونه في ظل بيئة يلفها عدم التأكد.
  • قطاع عريض من هذه الشركات يعمل في أنشطة استراتيجية وحيوية (النفط والصناعات الأساسية)، ما يعني أن الأداء الإنتاجي والمالي لهذه الشركات سيكون أكثر قدرة على التعامل مع التقلبات الاقتصادية الدولية والإقليمية، وهو ما يحافظ على ربحيتها المستقبلية في حدود معقولة.
  • كما توجد بعض الاكتتابات في شركات تتمتع بأساسيات سليمة وأصول عالية القيمة ولكنها تعاني من مشكلات تتعلق بالسيولة أو سوء الإدارة كما هو الحال في الحالة المصرية.
  • يضاف إلى جاذبية هذه الاكتتابات أنها تتم في أسواق واعدة، إما نتيجة للثقل السكاني (كما هو الحال في مصر) أو نتيجة لارتفاع مستويات الدخول (كما هو الحال في دول الخليج).

ويشير الوصال إلى أنه “على الرغم من أن الأسواق الأوربية كانت تعد لفترات طويلة أسواقاً جاذبة نتيجة لمتانة أساسياتها وقوة اقتصاداتها واستقرارها النسبي مقارنة بأسواق المنطقة، إلا أن الحرب في أوكرانيا والتي دخلت عامها الثاني وقد أصبح من الصعب التكهن بمآلاتها المستقبلية وحالة عدم التيقن والسيناريوهات المفتوحة لنهايتها تجعل من أسواق المنطقة جاذبة”.

ويختتم حديثه بقوله: كما تأتي الهزات المالية العنيفة التي أطاحت ببعض المؤسسات المالية الضخمة في الولايات المتحدة وأوروبا أخيراً لتدفع بالمستثمرين إلى الاكتتابات في دول المنطقة”.

تقرير “فاينانشال تايمز” نقل عن عددٍ من المحللين تأكيداتهم على جاذبية أسواق المنطقة، من بينهم رئيس بنك سيتي غروب للاستثمارات المصرفية للشرق الأوسط وإفريقيا، ميغيل أزيفيدو، والذي أشار إلى أن المنطقة “ظهرت على شاشة الرادار (..) الكثير من الناس (المستثمرين) انتقلوا إلى هنا بعد كوفيد، وكان هناك الكثير من الاكتتابات العامة الأولية هنا، لذلك أجبر العالم على النظر إلى المنطقة التي جذبت الانتباه عندما لم يكن هناك شيء يحدث في بقية العالم”.

وقال مصرفيون إن الإصلاح التنظيمي المالي والاستقرار السياسي، مع أسعار النفط والغاز التي ارتفعت بشكل كبير من أدنى مستوياتها وقت الوباء، تدفع إلى زيادة الطرح العام الأولي والصفقات الخاصة.

عوامل رئيسية تعزز جاذبية الأسواق العربية

وإلى ذلك، يشرح رئيس شركة برايم القابضة، محمد ماهر، في تصريحات لـ “اقتصاد سكاي نيوز عربية”، مجموعة من العوامل التي تُعزز جاذبية أسواق المنطقة العربية، على النحو التالي:

  • االعوائد الجيدة بالنسبة للاستثمار، والمرتفعة عن متوسط العوائد العالمية، بالنسبة للأسواق النامية، مع مراعاة الاختلافات بين دولة وأخرى على حسب تقييم المخاطر.
  • عامل الاستقرار في العلاقات الدولية، ولا سيما مع انفتاح دول المنطقة على التنسيق والتواصل مع الاقتصادات المحيطة والتكتلات السياسية والاقتصادية المختلفة.
  • ارتفاع عدد السكان في عديد من دول المنطقة، بخلاف مستوى دخول مرتفع في دول الخليج، وبالتالي ارتفاع القدرة على الإنفاق نسبياً بشكل أعلى من المتوسطات العالمية.

ويشير ماهر في السياق نفسه إلى العوامل الجيوسياسية وتداعياتها على دول المنطقة والعالم، موضحاً أن تأثر دول المنطقة أقل حدة من عديد من الأسواق والدول الأخرى، علاوة على أن بعض القطاعات مستفيدة إلى حد ما من تلك التطورات، من بينها قطاع الطاقة بعد الحرب في أوكرانيا وارتفاع أسعار النفط والغاز بعد تعطل غالبية الإمدادات الروسية إلى أوروبا، فضلاً عن استفادة القطاعات التصديرية في بعض الدول مثل مصر رغم ما تواجهه من ضغوط تضخمية.

ويشير إلى توسع الاكتتابات في المنطقة، لافتاً إلى السوق المصرية على سبيل المثال، حيث إن الحكومة قد أعلنت عن قائمة طويلة من الشركات (فيما عرف باسم برنامج الطروحات الحكومية) مع اتجاه الحكومة لتقليل مساهمتها في الاقتصاد وزيادة ملكية القطاع الخاص في الشركات المملوكة للدولة، من أجل المساهمة في زيادة وتحسين قدرات النشاط الاقتصادي.

ويأتي ذلك في وقت تخطط فيه مصر لزيادة مساهمة القطاع الخاص بنسبة 65 بالمئة من إجمالى الاستثمارات المنفذة خلال الثلاث سنوات المقبلة.

ويلفت تقرير الصحفية البريطانية المشار إليه إلى عدة نماذج في المنطقة، حيث تعمل المملكة العربية السعودية على تجديد اقتصادها، كما جذبت الإمارات العربية المتحدة مجموعات مالية إلى مركزها التجاري في دبي، وأطلقت عدداً مذهلاً من عمليات الإدراج في العاصمة الغنية بالنفط في أبو ظبي. كما أن قطر ضاعفت صادراتها من الغاز.

وعلى سبيل المثال، في السعودية، كان الجمع بين الإصلاح التنظيمي وارتفاع أسعار النفط ملحوظاً بشكل كبير في سوق الأسهم، حيث تمثلت الصفقة البارزة في إدراج شركة أرامكو السعودية العملاقة للنفط بقيمة 29 مليار دولار في العام 2019. وقد شجع ذلك زيادة عدد الاكتتابات الأولية، حيث سجل العام 2022 عامًا قياسياً، وفي الإمارات، طرحت شركة بترول أبوظبي الوطنية سلسلة من الأصول للاكتتاب العام، مما أدى إلى زيادة مماثلة في عمليات الإدراج.

كيف يمكن استدامة زخم الاكتتابات في الشرق الأوسط؟

وفي هذا السياق، يلفت عضو المجلس الاستشاري لمعهد الأوراق المالية والاستثمار البريطاني في دبي، وضاح الطه، في تصريحات لـ “اقتصاد سكاي نيوز عربية”، إلى أن الاكتتابات عامل مهم جداً لإنضاج الأسواق في المنطقة، مستدلاً بما شهدته المملكة العربية السعودية وسوقي دبي وأبوظبي، موضحاً أن الأخير كان أداؤه ملفتاً للغاية في هذا السياق.

ويشير إلى أن “اللافت في معظم الإدراجات الأخيرة -ومن بينها شركة أدنوك للغاز على سبيل المثال- أنها جاءت مميزة وتتسم بالرصانة والحوكمة، فضلاً عن إضافة ثقافة التوزيعات المرحلية التي لم تكن موجودة سابقاً، وهو تقدم ملحوظ ومهم.

ويشير الطه إلى أن استدامة زخم هذه الاكتتابات في المنطقة هو أمر مطلوب للغاية، مُحدداً في الوقت نفسه مجموعة من العوامل التي تدعم هذا الزخم في إطاره الصحيح، ومن بينها:

  • مبدأ الانتقاء والأولويات: يفترض أن يكون هناك مستوى انتقاء لدى أسواق المنطقة، بحيث تكون الأولوية للشركات ذات التاريخ الناجح والواضح، ولديها معدل ربحية مناسب وحوكمة مناسبة وإدارة مهنية.
  • الإضافة: أن تشكل تلك الاكتتابات إضافة وعمق للسوق من حيث القطاع الذي تنتمي إليه الشركات. ويستدل الطه هنا بآخر إدراج في سوق أبوظبي في مجال الذكاء الاصطناعي، قائلاً: “كان ملفتا للغاية.. هذا يعتبر مجالاً جديداً.. وكان هناك إقبال ملحوظ على الاكتتاب، وهنا تكمن الإضافة الحقيقية”.
  • التسعير: النقطة الأهم في تقدير الطه ترتبط بعملية التسعير، بحيث يتعين أن يكون هناك حرص شديد على عملية التسعير، على اعتبار أن إدراج سهم ثم هبوطه حال كانت هناك مبالغة في تسعيره هو أمر يحبط معنويات المستثمرين وربما يؤثر على الاكتتابات القادمة.

وبينما حدد شروط استدامة زخم الاكتتابات، يُبرز عضو المجلس الاستشاري لمعهد الأوراق المالية والاستثمار البريطاني في دبي، في ختام حديثه مع “اقتصاد سكاي نيوز عربية” جانباً من أسباب ازدهار الاكتتابات في المنطقة العربية في الفترات الأخيرة بشكل خاص، وهو ما يرتبط بالتطورات والمخاطر الجيوسياسية حول العالم.

ويضيف: “تعتبر المنطقة العربية منطقة آمنة وتحكمها مجموعة قوانين جيدة.. على صعيد الأسواق الناشئة عموماً هناك فرصة لعدد من الأسواق، أهمها أسواق الخليج للنمو بمعدلات أعلى من نظيراتها في العالم.. وربما هذا عامل آخر يضاف إلى جاذبية تلك الأسواق بالنسبة للمستثمر إضافة للعوامل الأخرى المذكورة”.

وبحسب the Global Private Capital Association فإن مديرو صناديق رأس المال الخاصة ضخوا 19.8 مليار دولار في 191 صفقة في الشرق الأوسط العام الماضي، وهي المنطقة التي تعد “المكان الوحيد في العالم الذي سجّل زيادة سنوية في قيمة الاستثمار في 2022”.

أسواق الخليج.. نماذج مضيئة

شهدت أسواق المال المحلية في الإمارات، عاماً قوياً من حيث الإدراجات في 2022، بسلسلة إدراجات بلغت نحو 15 إدراجاً، عُدت “الأقوى في تاريخ أسواق المال الإماراتية منذ تأسيسها”، من حيث عدد الإدراجات وضخامتها وتنوعها، وهو ما شجع على مزيدٍ من الطروحات القوية في العام التالي.

  • استقطبت 3 طروحات أولية بالإمارات طلبات اكتتاب قياسية بلغت قيمتها 557 مليار درهم منذ بدء العام الجاري 2023
  • جمع الاكتتاب العام لشركة “أدنوك للغاز”، عائدات إجمالية بنحو 9.1 مليارات درهم.
  • جمع طرح شركة “بريسايت” عائدات إجمالية بلغت حوالي 1.822 مليار درهم.
  • جمعت مجموعة “الأنصاري” للخدمات المالية من خلال الطرح العام الأولي 773 مليون درهم.

وفي السياق، فإن المحلل الاقتصادي الإماراتي نايل الجوابرة، يشير في تصريحات لموقع “اقتصاد سكاي نيوز عربية”، إلى مكانة الشركات التي أدرجت في العام 2022 والملائة المالية التي تتمتع بها، لا سيما الشركات النفطية العاملة في الأسواق المحلية، حيث “نعتبر من أكبر المصدرين للنفط ومشتقاته.. وتتجه إلى أسواقنا الأنظار من كبرى المستثمرين والمؤشرات العالمية، لا سيما بعد إدراج عديداً من الشركات بهذه المؤشرات (إم إس سي آي وفوتسي)”.

ويشدد على أن ذلك يعتبر من ضمن العوامل الأساسية الداعمة لـ “نظرة مستقبلية إيجابية ومتفائلة”، خاصة بالنسبة لسوق دبي المالي. ويشير كذلك إلى العوامل المتعلقة بـ “التوزيعات” التي يترقبها المستثمرون من هذه الشركات، مستشهداً في السياق نفسه على سبيل المثال بتوزيعات شركات ديوا.

وبالنسبة لتبعات التطورات الجيوسياسية حول العالم وتأثيرها على توجهات المستثمرين، يوضح الخبير الاقتصادي في معرض حديثه مع “اقتصاد سكاي نيوز عربية” أن الأنظار اتجهت إلى أسواقنا، والإدراجات التي تتم فيها، لجاذبيتها بشكل أكبر، ولا سيما مع الملائة المالية المناسبة ودعم الحكومات للقطاعات المختلفة بشكل كبير، وهو ما ظهر بقوةخلال أزمة كورونا.

ويضيف: “نترقب هذا العام 2023 -وعلى الرغم من الأوضاع التي يشهدها القطاع المصرفي الولايات المتحدة وأوروبا (بالإشارة لأزمة البنوك)- إدراج عدة شركات جديدة، وبما يجعل أنظار المستثمرين تتجه إلى أسواق المنطقة في ضوء الأوضاع المالية والاقتصادية والجيوسياسية الخارجية، والتي قد تعد عاملاً إيجابياً بالنسبة لأسواقنا من ناحية زيادة الاستثمار”.

فيما يتصل بالخليج، نقل تقرير “فاينانشال تايمز” المشار إليه عن مصرفي استثماري أميركي، قوله: “يأتي المستثمرون الدوليون – مديرو أصول كبار من الولايات المتحدة وأوروبا- يستثمرون مع شعوبهم للاستعداد للقيام بمزيد من الاستثمارات في هذا العالم “.

ونقل التقرير عن رئيس بنك Citigroup للاستثمارات المصرفية للشرق الأوسط وإفريقيا، ميغيل أزيفيدو، قوله: إن المنطقة تنتقل إلى “المرحلة الثانية” من الإدراج، مع “الاكتتاب العام الأولي للكيانات غير الحكومية في الإمارات العربية المتحدة ، في كل من دبي وأبو ظبي”.

وأضاف: “سيشهد هذا العام ظهور عدد قليل من الشركات المملوكة للعائلات”. وتوقع أن يتبع ذلك موجة ثالثة من “شركات التكنولوجيا المالية الشابة والشركات التي تدعم التكنولوجيا والتي كانت تجمع الأموال في سوق رأس المال الخاص”.

أثر جهود السلام والتهدئة

الباحث في الاقتصاد العالمي بالولايات المتحدة، استاذ الاقتصاد في جامعة السلام العالمية بجنوب أفريقيا، الدكتور زيد البرزنجي، يُحدد في تصريحات لـ “اقتصاد سكاي نيوز عربية” مجموعة من العوامل الأساسية التي تدفع إلى زيادة جاذبية الاكتتابات بالمنطقة، وتدفق الاستثمارات الخارجية تبعاً لذلك، من بينها:

  • استفادت عديد من دول المنطقة بتبعات الحرب في أوكرانيا وتأثيراتها في ارتفاع أسعار النفط والغاز، ومع تعطل إمدادات الطاقة الروسية إلى أرووبا على وقع الحرب.
  • ارتفاع أسعار الطاقة على ذلك النحو أسهم في تحقيق دول بالمنطقة عوائد كبيرة، وبما يعزز زيادة الإنفاق الحكومي على الاستثمار في شتى المجالات.
  • هذه الاكتتابات التي شهدتها المنطقة والاستثمارات فيها تعتبر آمنة بشكل كبير، بسبب قوة الاقتصادات والحكومة التي ورائها.

ويشير إلى أن ثمة عوامل سياسية قد ساعدت بدورها في دعم ثقة المستثمرين في هذه المنطقة (الشرق الأوسط)، يأتي على رأسها حل عدد من الإشكاليات القائمة بين بعض الدول (…) والاتجاه نحو السلام والتهدئة، وهي عوامل أسهمت في نشر السلام، وبما يدعم الازدهار والنمو الاقتصادي وثقة المستثمرين وإقبالهم على الاكتتابات المختلفة.

المصد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *